وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في الصين. أمام ممثلي شركات أميركية في بكين كانت واضحةً، دقيقةً، بتوصيف العلاقات الاقتصادية الثنائية. فكّ الارتباط بين أكبر اقتصادين في العالم "عملياً مستحيل"، قالت. "نسعى للتنوّع وليس للفصل؛ فكّ الارتباط سيؤدي إلى زعزعة الاقتصاد العالمي"، أكّدت.
برأي وزيرة الخزانة "التحوّل نحو إصلاحات السوق سيكون في مصلحة الصين". هي قصّة نجاح "رائعة"، أن يُساعد تحفيز النمو السريع في الصين في انتشال مئات الملايين من الناس من براثن الفقر. في المقابل دعت يلين إلى "إجراء إصلاحات للسوق في ثاني أكبر اقتصاد في العالم"، مشيرةً إلى أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها سيقاومون ما وصفتها بـ"ممارسات اقتصادية غير عادلة" للصين.
عليه، عملياً، ما معنى "فكّ الارتباط" مع تعلّق الأمر بأكبر اقتصادين في العالم؟ "النهار العربي" سأل الصحافي الاقتصادي المتخصّص بالشؤون الآسيوية والمقيم في نيودلهي د. وائل عوّاد.
الشركات الأميركية تتضرّر
من الصعب جداً بالتأكيد الانفصال عن الصين لأكثر من سبب، يقول عواد، بخاصة أنّ الشركات الأميركية التي دخلت السوق الصينية استغرقت أكثر من 15 سنة من الاستثمار هناك، لبدء الإنتاج، وبالتالي عندما تقوم هذه الشركات بالانسحاب من هناك، أو حتى الانفصال عن الصين، "فإنّ هذا سيؤدي إلى خسارة كبيرة للشركات الأميركية من ناحية، بالإضافة إلى أنّ الصين لديها أكثر من ورقة استراتيجية لتلعبها ضدّ الشركات الأميركية، وأيضاً قطع المواد الأولية عنها وعن الإتحاد الأوروبي"، يقول، وبالتالي هذا التنافس بين الاقتصادين "يتطلّب جهوداً أميركية لرفع التعرفات الجمركية التي فرضتها على البضائع الصينية، لأنّ الشركات الأميركية هي التي تخسر، وهناك ضغط على وزيرة الخزانة الأميركية لتخفيف حدّة التوتر مع الصين لكي تنتعش الشركات الأميركية".
بالتالي، يضيف، هذه الاستراتيجية التي تحاول الولايات المتحدة الآن العمل بها ولأكثر من عقدين من الزمن "ما زالت طويلة الأجل، ومن الصعب جداً تطبيقها على الأقل في مجال العلوم والتكنولوجيا وغيرها".
واشنطن قلقة؟
الصين بدورها أيضاً- يقول عواد- "تحاول أن تواجه هذه السياسة الأميركية من خلال تنويع مصادر اقتصادها وأسواقها، بالإضافة إلى دعم الشركات المحلية وعملية الاندماج والاستثمار وإدخال رأس المال الاستثماري من الخارج، لذلك هي تحافظ على نمو الاستحواذات الصينية على الشركات الأميركية الذي بدأ يزداد بشكل كبير، وهذا ما يقلق أيضاً الولايات المتحدة، لأنّ الصين تُعتبر من المستثمرين الرئيسيين في الأسواق الأميركية، وهناك أكثر من 100 ألف أميركي يعملون داخل المشاريع والمؤسسات الصينية النشطة في الولايات المتحدة".
يحتاج وقتاً
برأي عوّاد، "هناك تنافس بين الولايات المتحدة والصين. واشنطن الآن لا تتحدث عن المنافسة النزيهة، لكنها تستخدم استراتيجية لمستقبل الانفصال وفكّ الارتباط عن الصين، ولكن هذا سيأخذ بعض الوقت، بخاصة في ما يتعلق بالمواد الخام ومكوّنات الإنتاج، وكذلك التوزيع والتسويق للمبيعات في الصين". هذا شأن معقّد ويحتاج إلى المزيد من الوقت، يؤكّد عواد، لأنّ هذه الشركات لا مناطق بديلة لها للإنتاج، وإيجاد مثل هذه المناطق للإنتاج يستغرق بعض الوقت.