د. سناء شامي
شرف لي أن يختارني إدريس هاني لأكون ممن يقرأ و يقيّم ديوانه الجديد أنين الحروف. من هو إدريس هاني؟
الكل يعرفه باحث ومفكر مغربي، تنصب إهتماماته المعرفية في بحث قضايا الفكر العربي، أسئلة النهضة والإصلاح الديني، حركات الإسلام السياسي، وتحليل جيوستراتيجيا السياسة.
له العديد من الكتب المقالات والأبحاث المنشورة، وكذلك مشاركات في ندوات ومؤتمرات فكرية وسياسية محلية وعربية ودولية… لكن أنا الذي سمح لي الحظ أن أعرفه عن قريب، فقد إلتقيت به لأول مرة في مؤتمر الرافدين، ولفت نظري شموخ قامته كنخلة بيضاء الشعر و نقية الثمار لأنها تروي ظمأها فقط من مناهل الفكر و التمحيص. ثم التقيت به مرات أخرى، حدثني عن تعبه من زمن التفاهة و من أولئك الذين يعرفون العوم و لا يجيدون الغوص أو ربما يخافونه.
لكنه و بإبتسامته الهادئة كان يؤكد لي بأن الفكر لا يموت لأنه منبع الحياة… ثم كان لي الشرف بأن أكون ممن إنتقاهم لقراءة ديوانه الجديد أنين الحروف و التعليق عليه… و ما أن بدأت أقرأ أشعاره حتى شعرت بأني في مركبة فضائية تتنقل بين الماضي و الحاضر محاولةً إختراق المستقبل، و كأن الحنين هو الزمان و المكان معاً، و بأن تقسيم الزمن، ماضي و حاضر و مستقبل، ليس إلا وهم ترفضه حروف إدريس، لأن الفيلسوف إدريس يدرك بأن رفض الوهم لا يمكن أن يكون بدون أنين، و إن جمال الأنين يكون بعناق الحروف التي وحدها قادره على أن تعطي وزناً و حجماً و شكلاً لفكر إدريس الذي لا ينضب. مبروك علينا ديوانك الجديد أيها الصديق، الذي هو ليس فقط مصدر للعطاء و إنما أيضاً مصدر لفخرنا جميعاً.