تفاصيل رحلة إلى دمشق: روح المسيح في معلولا

    تفاصيل رحلة إلى دمشق: روح المسيح في معلولا

    د. سناء شامي

    زيارة جمعية البندقية الصداقة الايطالية العربية إلى سوريا في ١٨ فبراير إلى ٢٤ فبراير، لم تقتصر فقط على اللقاءات الأدبية و الموسيقية و الثقافية و لقاء المسؤولين السياسيين و رؤوساء النقابات… لقد زرنا أيضاً مدينة المسيح معلولا،

    و هي بلدة سورية قديمة، يعود تاريخها إلى القرن العاشر قبل الميلاد، ما زال سكانها يتحدثون الآرامية (السريانية) لغة السيد المسيح التي انقرضت من كل العالم إلا من ثلاث بلدات سورية متجاورة تقع في أعالي جبال القلمون الغربي هي: معلولا، جبعدين، ونجمة. تبعد عن دمشق 56 كيلومتراً، وترتفع عن سطح البحر أكثر من 1500 متر، وما زالت مأهولة بالسكان منذ عصور ما قبل الميلاد وحتى الآن، ما يجعلها مثقلة بتاريخ طويل. المكان ساحر و روحانياته العالية جعلتنا نشعر بقدسية و سحر المكان. لقد قابلنا رئيس دير مار تقلا، الأب الطيب متّى رزق، إستقبلنا برحابة صدر و قدم لنا القهوة السورية، كما شرح لنا أيام الرعب و الحزن التي عاشتها القرية عندما حاصرها الإرهابيون، و عرض علينا بالصور كيف حرقوا الدير تماماً، إلا أن رئيس الجمهورية العربية السورية بشار الأسد أعاد ترميم الدير كاملة بعد أن قام الجيش السوري بطرد الإرهابيين من هذه القرية العريقة، و قد ظهرت ملامح الحزن و الأسف على وجه الأب رزق عندما أخبرنا بأن الأرهابيين قاموا بسرقة مئات اللوحات القديمة من الدير، و التي لا تُقدر بثمن، و حرقوا و ثقبوا القليل الذي تبقى، و قد شاهدنا ذلك بأئمة أعيننا. لكن أستطيع أن أوكد بأن فظاعة و بشاعة ما قام به الإرهابيون من تدمير و قتل من سرقات، إلا إنهم لم يستطيعوا سرقة قدسية معلولا، لأن هذه البلدة تاريخ وأوابد، جعلا منها تلخيصاً للتاريخ الإنساني برمته، بوصفها تُعد متحفاً حياً نادراً عن طريقة حياة الإنسان الذي سكن الكهوف وحتى الوقت الحاضر، فقد تعاقبت عليها معظم الحضارات بدءاً بالآرامية، واليونانية، والرومانية، والبيزنطية، والعربية الإسلامية، وهذا ما أكسبها شهرة محلية وعالمية. معلولا هي ذاكرة الصخر والإنسان، تكتب بلغة السيد المسيح سفراً للحب، وشهادة حياة لكل العصور.
     
     

    Please publish modules in offcanvas position.