د. سناء شامي
في عام ١٩٥٢ تم إكتشاف أكبر منجم حديد في مدينة الجبيلات في الجزائر، و لأسباب سياسية تم تأجيل إفتتاحه إلى هذا اليوم، السبت ٣٠ يوليو.
و لهذا تمت تسمية هذا المنجم (عملاق المناجم النائم) و قد تم تقدير إحتياطه القابل للإنتاج بنحو ٢ مليار طن، و هذا سيسمح للجزائر بأن تتصدر المكانة الأولى في تصنيع الصلب و الحديد في إفريقيا. و رغم تواجد هذا المنجم الضخم في منطقة لا تتوفر فيها البنى التحتية أو السكة الحديدية، إلا إنه من المتوقع أن يصل إنتاجه في السنة الأولى إلى ٤ مليون طن سنوياً، و هذا حتما سيمنح آلاف الوظائف لسكان المنطقة و سيخلق بنى تحتية مما يؤدي إلى إنعاش الجنوب الذي ظل مهمشاً إلى فترة طويلة من الزمن. و من المعروف فإن الجزائر ثالث أكبر منتج للنفط في إفريقيا وأكبر منتج للغاز الطبيعي في القارة، و هما مرتبطان بالإقتصاد الجيوسياسي، و لن يكون إنتاج منجم الحديد هذا مختلفاً عن ذلك.الغريب أن ثروة الجزائر كانت سبب استياء السكان لبعض الوقت ، لأن اقتصادهم هو اقتصاد ريعي ، يعتمد بشكل كبير على قطاع النفط والغاز ، والذي يمثل أكثر من ثلث الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وخاصة تقريباً جميع صادراتها. من خلال تعرّضها لاتجاه أسواق المحروقات الدولية ، أظهرت الجزائر ، رغم المحاولات الأخيرة للسلطات ، أنها لا تملك الآليات المناسبة التي يمكن أن تحمي الاقتصاد الداخلي دون الكثير من الانعكاسات السلبية على النسيج الاجتماعي. وضعت الانخفاضات في أسعار النفط في السنوات الأخيرة المالية العامة على المحك ، مما أجبر الحكومة، خلال السنوات الماضية على اتخاذ سلسلة من الإجراءات المثيرة للجدل، وفي المقام الأول احتواء حاد للإنفاق العام وزيادة غير شعبية في العبء الضريبي ، بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة والضرائب على الوقود. كما أدى نمو التضخم إلى مزيد من التدهور في القوة الشرائية للسكان، و لا سيما أن استهلاكهم حتى الغذائي منه، يعتمد، على الواردات من الخارج ، هذه الواردات خضعت في السنوات الأخيرة لسلسلة من القيود. ثروة الجزائر مصدر تناقضات وتساؤلات: لماذا قطاع المحروقات عملاق في رأس المال و ضعيف القدرة على استيعاب العمالة؟ لماذا الزراعة غير منتجة رغم وجود أراضي صالحة للزراعة؟ لماذا تلعب الصناعة دوراً محدوداً في الاقتصاد الجزائري؟ ما هي أسباب فشل السياسة الاقتصادية؟ أغلب سكان الجزائر من الشباب، فلماذا لا يتحولون إلى قوة عاملة ، ولماذا لا يتنوع الاقتصاد؟ تحتاج الجزائر إلى نموذج جديد للسياسة الاقتصادية يسمح للحكومة ببناء أسس متينة للاستثمار في مختلف القطاعات ، وهذا بالطبع يتطلب تخطيط مسؤول من النخبة الجزائرية التي تتحكم وتدير موارد هذا البلد، لأن المشاكل ، بل حتى الحلول. تتعلق أولاً بطبقة النخبة في هذا البلد الرائع.